احكي يا مرايتي
كعجوز ٲغمسُ يدايّ في زيت تَالِيد وامسح به على وجهي، ثم أرفع رأسي نحو مرآتي وامعن النظر، ....
ثَمة تجاعيد خطها الزمن تبتسم لي خطوطها بتقويسة مكر، السر فيها حكاية تجثو بلا ورق ...
أحاول أن اتعمق بالنظر أكثر فينفلت مني البصر، ...
الحقيقة هي أني أهرب من الزمن لا العمر، عُمري في عِزِّه يُعزيني في الاماني التي ماتت، يبكيني على أحلامي التي بترتْ ساق فرحها مع أول فجر، ...
عمرًا يفتشُ عني في ملامحي البريئة، فيرى خيبة وطن وجرح الزمن، وضحكة انثى شقية تربي طفلَ الفرح في حِجر رجلٍ كهلّ تُلهيه بمصاصة أملّ وتحاول ان تواري الدمع بالكحل ...
اعلم أن مرآتي اللعينة تكذب وانها لم يغريها خط الكحل المُمتد في عيناي، ولم ترتجف لشفتي العليا حين اخبرتها بأنها تشتد بكيد التدخين وتلين بارتخاء القُبل، لم تستفزها حبات الكرز على وجنتيّ ولم تكشف طرف الغاوية على وجهي، ...
مرآة عمياء لم ترى عيناها هذا كله وانتبهت لقطرات الماء الساخنة على جبيني من خلف حجاب الشقاء ومن فوق الشمس البيضاء، التي أستدارت خيوطها على المساحات العارية من عمري...!
أدرك أن هذا كله لا شيء أمام خرافة التكوين التي صنعتني ورفعت سلطان شأني، لكني صدقًا تعبت، نعم تعبت لأني امرأة طحنها الالم وعجنها الزمن خبزٌ تأكله انياب الندم...!
لا أدري، آ بحكمة أو بثقة أكتب أم اني اتمرس الكذب على الورق...؟
اكذب كي لا اكتب الوجع بصيغته الأصلية، احشوه بتمتمات عصية كي لا يفقه المعنى أحد سواي!
اكذب واتلاعب بعمق الفكرة على سطح الكلمات لكي انجو من غول الحقيقة!
اكذب ليس لأني كاذبة ولا صادقة وإنما انا خائنة لامانة البوح الذي يصرخ بداخلي في صمت...!
تمت
الكاتبة خلود عبد الرحمن

إرسال تعليق